خاطرة

بابلو بيكاسو وفان جوخ وأنا 🎨

1_اكتب رسالة لآخر شخص قابلته اليوم

القراءة تحمِلك إلى عوالمَ مختلفة بصُحبة أشخاصٍ وأماكنَ ووقائعَ ما كنت لتصل إليها “بغير كتاب” تحمله بيد واحدة لتقرأ إلى أن يصيبك الفتور، فتضَّجع وتضعه بجانبك على أمل الحصول على وضعٍ أكثر راحةً واسترخاءً، فيُحصّل الجسد ذلك، ولكن العقل يركض لاهثاً بين خيال الكاتب وأفكاره وآرائه ..

كان ما كُتب أعلاه توطئةً لابد منها، لتُخمن علاقة العنوان بالمحتوى، ولأخبرك بأن آخر من قابلتهم هو الفنان “بابلو بيكاسو”، وكانت “الكاتبة رضوى عاشور” رحمها الله هي حلقة الوصل بيننا ..

والتي سِرت برفقتها في طرق لا حصر لها؛ وذلك بقراءة كتاب سيرتها الذاتية

(أثقل من رضوى) ..

فتارةً أرى نفسي بصُحبتها بين الثوار في الميدان، وتارة أقف متوترة خلف باب غرفة العمليات منتظرةً خروجها مع عملية استئصال ورم خبيث في الدماغ، وفي آخر تلك الجولات صحبتني لتقف أمام لوحة “الجِرنيكا” للملهم -كما وصفته بقولها- “بابلو بيكاسو” في متحف الملكة صوفيا الوطني للفنون بمدريد، والتي انخرطت في وصفها وإظهار نقاط الجمال والإتقان فيها -في ثلاث صفحات تقريباً-..

وقفت جوارها أتأمل بصمتٍ عاجزة حتى عن المجاملة، سألتني بعدما فرغت من وصفها عن رأيي فقلت باقتضاب :جميلة..

فاستدرت دونما تعليق آخر، وجال في خاطري بأن كلمتي وإن كانت على سبيل المجاملة كثيرة في حق تلك اللوحة ..

نعم أنا شهد خريجة الفنون الجميلة، والتي تَخرجّت بمعدلٍ عالٍ ترفضُ تقديم كلمة ثناء، للوحة الفنان الشهير بيكاسو🚶🏻‍♀️

ابتسمت وقلت في نفسي: لم لا؛ والله لو وقف هو وفان جوخ على الباب طالبين الرأي لما بدّل ذلك في نفسي ولا قولي شيئاً قط ..

ثم رجعت بي ذاكرتي للوراء وبالتحديد لمحاضرة دكتورة إيناس؛ والتي تتحرك في القاعة بحماس لا يناسب حجمها وهي تقول بكلماتها السريعة التي تتيح لها شرح ١٠ صفحات في دقيقة واحدة ..

– طيب يا بنات بصو للرسمة دي عشان نبدأ النقد الفني لها.. ولكنها لا تتنتظر جواباً بل تبادر بالشرح، فأنظر للرسمة المطلوب منا شرحها فلا أرى سوى بقعة بنية داكنة يتخللها بعض الضوء، فيخيّل لك أنك ترى شجرةً أو ظلها أو شبحاً خارجاً من العصور الوسطى.. ولكن الدكتورة لها رأي آخر؛ فهي ترى تلك الرسمة البديعة الفظيعة، جديرة بتقديم شرح مفصل قد يمتد ليشمل محاضرةً كاملة 🥴🚶🏻‍♀️

“والله هزلت”

ألقي الورقة بتذمر..

وفي المنزل أفكر بطريقةٍ تحسن نظرتي لتلكم اللوحات،فأبحث عن أصحابها في الإنترنت لأفاجأ بسيَرٍ مليئة بالإحباطات والفقرِ وفقدانِ الهدف وإدمانِ الخمور والعشقِ الذي يودي بالقلوب والأعمار..


– أهؤلاء هم قدواتنا في الفن؟

– وأصحاب مدارسه؟

– والذين تباع لوحاتهم اليوم بمبالغَ خيالية مبالغٍ فيها..!

– أَهم أولى بالفن ممن ابتكروا الزخارف الإسلامية وزينوا بها كل حواضر الدنيا في الأندلس ومساجد دمشق وغيرها 😢

-أليس الفن أمراً يسمو بالنفس، ينقل قيمها ومعتقداتها؟


تنبهت من ذكرياتي وأنا غارقةٌ وسط السياح أبحث عن المخرج؛ قد ضللت طريقي بعدما فارقت رضوى، والتي بقيت تتأمل تلك اللوحة .. ها هو الباب الحمدالله -خرجت منه وأغلقته خلفي..


مهلاً.. مسحت عيني وضيقتها كمن أفاق للتو من جرعة عالية من المخدر، فتنهدت وابتسمت وأنا أغلق الرواية لأضعها على طرف السرير ثم أحكم لف الغطاء على جسدي، إنها هلاوس أخرى أدفعها نتيجة التجوّل في خيال الناس وأفكارهم، يالها من هواية ذميمة، بالتأكيد سأتركها ولكني لن أترك قناعتي في حقيقة الفن وجوهره وإن سمعت ما سمعت، وإن كانت مادة مدارس الفن الحديث مسجلة في شهادتي بنسبة ١٠٠٪ ممتاز 🚶🏻‍♀️

رأيان حول “بابلو بيكاسو وفان جوخ وأنا 🎨”

اترك تعليقًا

إملأ الحقول أدناه بالمعلومات المناسبة أو إضغط على إحدى الأيقونات لتسجيل الدخول:

شعار ووردبريس.كوم

أنت تعلق بإستخدام حساب WordPress.com. تسجيل خروج   /  تغيير )

Facebook photo

أنت تعلق بإستخدام حساب Facebook. تسجيل خروج   /  تغيير )

Connecting to %s